علاقة مصر بالدولة الإسلامية

إن السيرة النبوية تعتبر من أجلِّ العلوم وأفضلها بالنسبة للمسلم؛ فهي تدرس سيرة رجل هو أعظم رجل خلقه الله U، فقد وصفه رب العزة بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]. وإذا كانت دراسة السيرة مهمة في زمن من الأزمان فهي في زماننا أهم؛ لأن واقع الأمة الآن متأخر في كل المجالات؛ تأخر عسكري واقتصادي واجتماعي وأخلاقي.



ولا ريب أن الأمل معقود في الله U لإعادة البناء، بَيْدَ أن النهوض يحتاج إلى أمرين مهمين: يقين بضرورة بناء الأمة من جديد، ودور عملي لكل منا؛ فاليقين أن نوقن في كلام رسول الله r، فقد بشَّر الصحابة في غزوة الخندق بفتوح الشام وفارس واليمن وغيرها، وألاَّ نعتمد اعتمادًا كُليًّا على الحسابات المادية، رغم أهميتها، فالأحزاب قد اعتمدوا على الجانب المادي لكنهم لم ينجحوا، وأن يكون لنا دور لإعادة إعمار الكون، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110].

عشنا طويلاً في ظل مجموعة من الأيديولوجيات والأفكار المختلفة التي تحكم المجتمع والدولة، وكلها باءت بالفشل مثل الاشتراكية والرأسمالية وغيرها، ندور حول هذه الأفكار متناسين سيرة نبينا وأصوليتنا الدينية التي أدارت المجتمعات الإسلامية القديمة بخلافاتها ودولها، ومع هذا فإننا لا ننادي باستقصاء كل وقعة وفعلة وحدث في السيرة؛ فهذا ضرب من المستحيل لكننا ننادي بدراسة الأحداث العظيمة والجليلة في هذه السيرة؛ فهي مما يتكرر يومًا بعد يوم، ندرس غزوة أُحد وبدر والخندق؛ لأن واقعنا قد وجد حدثًا مشابهًا وهو حرب أكتوبر 1973م، وهو - لا شك - من الأحداث التي يتم تحليلها منذ وقعت وحتى وقتنا الراهن.

ويجب أن ندرس السيرة النبوية من جوانب عدة، وقواعد معلومة؛ ليتسنى لنا حصد ثمارها، والعمل بما فيها: (1) أن نفهم أن السيرة من المواقف التشريعية التي تدخل في إطار السنة؛ فالعلماء لهم دور كبير في استنباط الأحكام منها. (2) ندرك أن رسول الله r لا يخطو خطوة إلا بوحي من الله أو تعديل من الوحي. (3) أن نتعلم كيف نحب رسول الله r من كل موقف من مواقف حياته r. (4) أن نتعلم الحكمة في اختياره للآراء، وفي اختياره للأفعال في أثناء السيرة النبوية من أوَّلها إلى آخرها.

وسيتركز جُلّ اهتمامنا على استنباط القواعد المهمة في بناء الأمة الإسلامية، ونهتم بالأحداث التي تشبه واقعنا المعاصر، ولا يكون اهتمامنا منصبًّا على الأحداث الشائقة، وإنما على ما يفيد واقعنا المعاصر.


حكم لبس حزام من الجلد أثناء الصلاة

هل يجوز لبس الحزام المصنوع من الجلد أثناء الصلاة؟


الجواب :
الحمد لله

الحزام المصنوع من الجلد إما أن يكون مأخوذا من جلد حيوان مذكى تذكية شرعية ، فهذا لا حرج في لبسه لكونه طاهرا اتفاقا .

وإما أن يكون من جلد ميتة ، وهذه الميتة قد تكون لحيوان يقبل التذكية حال الحياة كالإبل والبقر والغنم ، فيطهر جلدها بالدبغ على الراجح ، وهو مذهب الحنفية والشافعية ورواية للحنابلة .

وقد تكون لحيوان لا تحلّه الذكاة كالكلب والخنزير والنمر ونحوه من السباع ، ففي طهارة جلده بالدبغ خلاف .

قال النووي رحمه الله : " فرع في مذاهب العلماء في جلود الميتة هي سبعة مذاهب :

أحدها : لا يطهر بالدباغ شيء من جلود الميتة لما روي عن عمر بن الخطاب وابنه وعائشة رضي الله عنهم وهو أشهر الروايتين عن أحمد ورواية عن مالك .

والمذهب الثاني : يطهر بالدباغ جلد مأكول اللحم دون غيره وهو مذهب الأوزاعي وابن المبارك وأبي ثور وإسحاق بن راهويه .

والثالث : يطهر به كل جلود الميتة ، إلا الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما . وهو مذهبنا , وحكوه عن علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما.

والرابع : يطهر به الجميع إلا جلد الخنزير وهو مذهب أبي حنيفة .

والخامس : يطهر الجميع والكلب والخنزير ، إلا أنه يطهر ظاهره دون باطنه ؛ فيستعمل في اليابس دون الرطب ، ويصلى عليه ، لا فيه , وهو مذهب مالك فيما حكاه أصحابنا عنه .

والسادس : يطهر بالدباغ جميع جلود الميتة والكلب والخنزير ظاهرا وباطنا , قاله داود وأهل الظاهر , وحكاه الماوردي عن أبي يوسف .

والسابع : ينتفع بجلود الميتة بلا دباغ ، ويجوز استعمالها في الرطب واليابس . حكوه عن الزهري " انتهى من " المجموع" (1/270) ، وينظر : الموسوعة الفقهية (15/ 252) .

ورجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه لا يطهر إلا جلد الحيوان الذي تحله الذكاة ، أي : مأكول اللحم .

قال رحمه الله : " فمناط الحكم على المذهب هو طهارة الحيوان في حال الحياة ، فما كان طاهرا فإنه يباح استعمال جلد ميتته بعد الدبغ في يابس ، ولا يطهر. وعلى القول الثاني: يطهر مطلقا، وعلى القول الثالث: يطهر إذا كانت الميتة مما تحله الذكاة.
والراجح : القول الثالث بدليل أنه جاء في بعض ألفاظ الحديث : (دباغها ذكاتها ) ، فعبر بالذكاة ، ومعلوم أن الذكاة لا تطهر إلا ما يباح أكله ، فلو أنك ذبحت حمارا ، وذكرت اسم الله عليه ، وأنهر الدم ، فإنه لا يسمى ذكاة ، وعلى هذا نقول : جلد ما يحرم أكله ، ولو كان طاهرا في الحياة ، لا يطهر بالدباغ ، ووجهه : أن الحيوان الطاهر في الحياة إنما جعل طاهرا لمشقة التحرز منه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (إنها من الطوافين عليكم) ، وهذه العلة تنتفي بالموت ، وعلى هذا يعود إلى أصله وهو النجاسة ، فلا يطهر بالدباغ .
فيكون القول الراجح : أن كل حيوان مات وهو مما يؤكل ؛ فإن جلده يطهر بالدباغ ، وهذا أحد قولي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وله قول آخر يوافق قول من قال : إن ما كان طاهرا في الحياة فإن جلده يطهر بالدبغ " انتهى من "الشرح الممتع" (1/91) .

وينظر : سؤال رقم (1695)

وحديث : (دباغها زكاتها) رواه أحمد (19567)، والنسائي (4243) من حديث سلمة بن المحبّق رضي الله عنه .
قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/ 204): " إسناده صحيح " انتهى .


وعليه فإذا كان الحزام مصنوعا من جلد مأكول اللحم ، فلا حرج في لبسه والصلاة به ؛ لأنه طاهر أصالة أو بعد الدبغ .

وأما إن كان مصنوعا من حيوان طاهر في الحياة ، غير أنه لا يؤكل لحمه ، وهو ما عدا الكلب والخنزير ، فالأمر فيه أسهل من غيره ، لقوة الخلاف فيه واختيار كثير من أهل العلم القول بطهارته من أهل العلم ، وإن كان الأحوط اجتنابه ، وترك ما اشتبه أمره ، لا سيما في حال الصلاة .


فإن لم يعلم نوع الحيوان الذي أخذ الجلد منه : فالأصل طهارة ذلك وجواز استعماله ، حتى يتبين ، أو يغلب على الظن نجاسته .

سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :

" ماذا ترون - أطال الله بقاءكم في خدمة الدين ـ في الحزامات والأحذية والمعاطف الجلدية المصنوعة في الغرب ؛ فهل يجوز لنا ارتداؤها أو لا يجوز ، بحيث لا نعرف كنه طهارتها : أهي من حيوان مذكى ، أو من خنزير ؟ "

فأجاب علماء اللجنة :

" الأصل الطهارة وجواز لبسها حتى يثبت ما يوجب الحكم بنجاستها وتحريم لبسها ، من كونها من جلد خنزير ، أو من حيوان غير مذكى ذكاه شرعية ولم يدبغ " انتهى .

"فتاوى اللجنة" (24/29) .

والله أعلم .



صلى إلى عكس القبلة جهلا

السؤال : أنا شاب توظفت في مكة وأهلي في جدة , فكنت أمكث في مكة من السبت إلى الأربعاء والخميس والجمعة أذهب لأهلي في جدة وفي أحد الأسابيع ذهبت إلى جدة وإذا بالوالد غير في تصميم الغرفة التي أنام فيها , سد الباب الذي أدخل معه للغرفة وفتح في الجدار المقابل باب , وغير من أثاث الغرفة , وكنت والحمد لله أصلي في المسجد أغلب الصلوات ولكن بعض الصلوات تفوتني فأصليها في غرفتي وبعد شهر من التغيير الذي طرأ على الغرفة اكتشفت أنني أصلي عكس القبلة , فما الحكم يا شيخ؟ للتذكير : (لا آتي إلا في الخميس والجمعة , وأغلب الصلوات في المسجد) .


الجواب :
الحمد لله

استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة ، ويعفى عن الانحراف اليسير لا الكثير ، كما يعفى عمن اجتهد وتحرى القبلة فأخطأ ، والظاهر من سؤالك أنك لم تتحر ولم تسأل بل لم تنتبه لتغير موقفك من القبلة ، فيلزمك إعادة تلك الصلوات .

وإذا أشكل عليك معرفة عددها ، فإنك تحتاط وتصلي ما يغلب على ظنك أن ذمتك تبرأ به .

والله أعلم .